بيان حول ما يُسمى “انتخابات مجلس الشعب” وانحراف مسار العملية الانتقالية

يتابع مرصد الشفافية بقلق بالغ ما يتم الترويج له في سوريا من عملية يُطلَق عليها “انتخابات مجلس الشعب” خلال المرحلة الانتقالية. وبعد مراجعة دقيقة للمعلومات والتفاصيل المعلنة، يتضح أن ما يجري لا يمكن اعتباره بأي شكل من الأشكال انتخابات ديمقراطية:

  • فالعملية ليست اقتراعاً شعبياً حُرّاً، بل اختياراً انتقائياً عبر لجان فرعية محدودة الصلاحيات.
  • لا معايير واضحة أو شمول حقيقي لمختلف المكوّنات والفئات المجتمعية.
  • غياب مناطق سورية كاملة عن حق المشاركة.
  • تغييب غالبية الفعاليات الأهلية والمجتمعية والنقابية.
  • تغيب الشفافية، رغم محاولات شكلية لعقد جلسات مع بعض الفئات، لكنها لا ترقى إلى مستوى المشاركة الوطنية المطلوبة.

إن إقحام مصطلحات مضللة وممارسات بعيدة عن الديمقراطية تحت لافتة “الانتخابات” يمثل خطراً سياسياً واجتماعياً جسيماً، إذ يؤدي إلى تشويش الوعي العام وتشويه مفهوم العملية الديمقراطية. وتكمن الخطورة الأكبر في انعكاس ذلك على وعي الأجيال الناشئة، التي قد تُختَزَل أمامها الممارسة السياسية في صورة زائفة لا تمت للديمقراطية بصلة.

وانطلاقاً من هذه المسؤولية، نتوجّه بنداء واضح وحازم إلى وسائل الإعلام، والمنظمات الأهلية والمجتمعية والنقابية، والنشطاء والأفراد، للتوقف عن تبنّي هذه المصطلحات المضللة أو ترويجها، لما تحمله من مخاطر في إضفاء شرعية شكلية على ممارسات لا تمت بصلة لمبادئ المشاركة الشعبية والشفافية والحوكمة الرشيدة.

ندرك أن المراحل الانتقالية تحمل خصوصيات معقدة، وقد تفرض الحاجة إلى وجود هيئة تشريعية فاعلة تشرف وتدير وتراقب وتحاسب تفاصيل المرحلة الانتقالية. إلا أن ما يجري اليوم في سوريا يعكس انحرافاً خطيراً لمسار العملية الانتقالية بفعل “هيئة تحرير الشام”، التي اختزلت المسار بما يخدم مصالحها الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العامة.

ما تحتاجه سوريا اليوم

  • الالتزام بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 وإعادة مسار العملية الانتقالية إلى مجراها الطبيعي.
  • إطلاق حوار وطني شامل على المستويات الشعبية والمجتمعية كافة.
  • تشكيل هيئات تأسيسية محلية تتطور إلى هيئة تأسيسية وطنية تضطلع بدور الجهاز التشريعي، وتصدر إعلاناً دستورياً يرسخ:
    • إطار العملية الانتقالية وخارطة طريق واضحة ومحددة،
    • الرقابة الفعلية على الهيئة التنفيذية،
    • وحق المساءلة والمحاسبة.

وحتى ذلك الحين، نطالب الإدارة الحالية بوقف أنشطتها غير الشرعية التي تهدف إلى السيطرة على الدولة وابتلاع مؤسساتها، وأن تلتزم برعاية الحوار الوطني الشامل وصولاً إلى تسليم الهيئة التأسيسية المنتخبة مهامها. ومن ثم، يكون لها وحدها الحق في تقرير استمرار الإدارة الحالية أو استبدالها.

ختاماً؛ إن الترويج الخاطئ لهذه العملية والمساهمة في تكريسها يشكّل خطراً بالغاً على الوعي الوطني، وأي انخراط في هذا التشويه يُعدّ تواطؤاً ضد مستقبل سوريا الديمقراطي، كما أنه يرسّخ حالة انحراف المرحلة الانتقالية بدل تصحيح مسارها. وهنا تقع على الجميع مسؤولية وطنية مضاعفة بوجوب التمسك بالحقوق والحريات، والإصرار على حق المشاركة السياسية الشاملة في المرحلة الانتقالية وما بعدها، بما يضمن مستقبلاً ديمقراطياً حقيقياً لسوريا.